Translate

الأربعاء، 19 مارس 2014

مقالات اقتصادية


يعتبر المتوسط المتحرك من أهم المقاييس الفنية نظراً لبساطة تركيبه واعتماد أكثر المؤشرات عليه. فالمتوسط المتحرك هو المتوسط الحسابي للأرقام الظاهرة لدينا، سواء كانت قيم الصفقات العقارية الأسبوعية أو سعر السهم اليومي لإحدى الشركات المدرجة في السوق المالية، ويسمى بالمتحرك نظراً لتحرك الفترة الزمنية التي يغطيها، حيث يتم كل يوم التخلص من القيمة القديمة ويضاف القيمة الجديدة. فلو أردنا معرفة المتوسط المتحرك لقيم الصفقات العقارية التي تمت في مدينة الرياض خلال العام الحالي، فيكون لدينا عشرة أرقام، قيمة واحدة لكل أسبوع. هنا المتوسط المتحرك لهذا الأسبوع يحسب بجمع الأرقام العشرة وقسمتها على عشرة. وفي الأسبوع القادم، يحسب المتوسط بالطريقة نفسها، ولكن بحذف أول رقم "وهو قيمة الصفقات لأول أسبوع من العام"، وإضافة قيمة الصفقات لهذا الأسبوع، وهكذا في كل أسبوع. المتوسط الناتج عن ذلك هو متوسط متحرك لمدة عشرة أسابيع، ويتميز عن "المؤشر العقاري" الحالي في أنه أقل حدة في التذبذب، ويمكن رسمه على خريطة زمنية يستفاد منها في معرفة توجه قيم الصفقات من أسبوع إلى آخر. ولكن بسبب طبيعة الصفقات العقارية، فقد يكون من المناسب استخدام المتوسط المتحرك لمدة 50 أسبوعا لمزيد من الاستقرار والسيطرة على حركة هذا المؤشر.

ننتقل الآن لمجال الأسهم، ونسأل عن فائدة المتوسط المتحرك. هل يمكن الاستفادة منه كدليل نبني توقعاتنا المستقبلية عليه؟ حقيقة لا توجد طريقة مضمونة على الإطلاق لمعرفة ما سيحدث غداً أو بعد غد في عالم الأسهم، كون ذلك في علم الغيب وسيبقى كذلك. الشيء الوحيد المتفق عليه هو أن أسعار الأسهم بشكل عام تنمو مع الوقت، وإن كانت الفترة الزمنية اللازمة تمتد أحيانا لمدة طويلة. الميزة الحقيقية للمتوسط المتحرك تكمن في كونه يتخلص من تغيرات السعر اليومية التي تتأرجح كثيراً بسبب قوى العرض والطلب، وبذلك فهو مفيد في معرفة اتجاه السعر بشكل عام، بعيداً عن التذبذبات اليومية. كمثال على الاستفادة من المتوسط المتحرك، يمكن النظر إلى المتوسط المتحرك لمدة 200 يوم، الذي يعتبر من أهم المتوسطات الدالة على الاتجاه الصحي للسهم على المدى الطويل، فيكون البيع إذا نزل سعر السهم عن هذا المتوسط والشراء إذا ارتفع السعر فوقه. والفكرة هنا إن متوسط الـ 200 يوم، نتيجة مشاهدات عملية كثيرة، يعتبر أفضل نقطة دعم للسهم، ويرمز إلى الاتجاه طويل المدى بشكل جيد، لذا فمن الضروري أن يبقى سعر السهم أعلى منه على الدوام.

أما أحد أبرز الاستخدامات للمتوسط المتحرك فهي طريقة التقاطع، التي يتم الشراء فيها عندما يرتفع متوسط الـ 50 يوما عن متوسط الـ 200 يوم، والبيع عندما يهبط عنه، والفكرة أنه عندما يرتفع المتوسط القصير إلى ما فوق المتوسط الطويل، فهو دليل على أن حركة السهم على المدى القصير تشير إلى اتجاه صعودي. إلا أن هذه الطريقة لا تعطي نتائج جيدة بسبب بطء المتوسطات المتحركة، كون القيم الجديدة تأخذ وقتاً طويل نسبياً للتأثير في حركة السهم أو حركة المؤشر. لذا فهناك من يستخدم المتوسطات الأسّية، التي هي عبارة عن متوسطات متحركة عادية غير أن الأيام الحديثة تأخذ وزناً أكبر في حساب المتوسط من الأيام القديمة، وهي مفيدة أكثر على المدى المتوسط والقصير من المتوسطات العادية.

ربما أفضل طريقة للتعامل مع المتوسطات المتحركة أن يقوم الشخص بتجريب فترات متنوعة لمتوسطات متحركة مع السهم الذي يتعامل به "أو عدد محدود من الأسهم"، ومن ثم يعتمد المتوسط الذي يتناسب مع طبيعة السهم وحركته. هناك من قام بإجراء دراسة عن هذه العلاقة على مدى 35 عاماً مع مؤشر "إس آند بي 500"، ووجد أنه كلما كانت قيمة المؤشر أعلى من المتوسط المتحرك لعشرة أيام فإن المؤشر يرتفع بنسبة نحو 2.5 في المائة في الأشهر الثلاثة القادمة، وبنسبة 5.40 في المائة في الأشهر الستة القادمة، والعكس صحيح. وهذه النتيجة مهمة إلا أنها غير مجدية عند الأخذ بالحسبان تكلفة العمولة وفارق السعر بين العرض والطلب وعمق السوق.

هناك طريقة أفضل تعرف بمقياس التقاء المتوسط المتحرك وانفراجه MACD، وتستعمل في معرفة مسار الاتجاه في الفترة القادمة، وهي مبنية على فكرة المتوسط المتحرك. طريقة حساب هذا المقياس تتم بطرح قيمة المتوسط المتحرك "الأسّي" لـ 26 يوما من قيمة المتوسط المتحرك "الأسّي" لـ 12 يوما، ورسمه كخط سميك على الخريطة، ومن ثم رسم متوسط متحرك أسّي لتسعة أيام لهذا الخط ذاته، ورسمه كخط متقطع. فعندما تكون قيمة خط "ماك دي" أعلى من الصفر "أي أن متوسط 12 يوماً أعلى من متوسط 26 يوما"، فإن ذلك يعني أن السهم يمر في مرحلة صعود، والعكس صحيح. وهناك طريقتان رئيستان للتعامل مع مقياس ماك دي، الطريقة الأولى يتم البيع فيها عندما يسقط خط "ماك دي" عن الصفر والشراء عندما يرتفع خط "ماك دي" عن الصفر. أما الطريقة الثانية فيكون البيع فيها عندما يسقط خط "ماك دي" عن مستوى متوسط تسعة أيام، والشراء عندما يرتفع خط "ماك دي" عن مستوى متوسط تسعة أيام، وهذه في الواقع أشهر طريقة لاستخدام "ماك دي".

ختاماً، كان هذا مجرد استعراض لفكرة المتوسطات المتحركة، التي يمكن الاستفادة منها في تطوير "المؤشر العقاري"، وكذلك في التعامل مع الأسهم في سوق الأسهم السعودية.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق